منتديات الشنتوف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الجميع
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 آمال وهواجس الجزء الثاني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ميسي
عضو مبتدئ
عضو مبتدئ
ميسي


عدد الرسائل : 34
العمر : 31
تاريخ التسجيل : 25/09/2007

آمال وهواجس الجزء الثاني Empty
مُساهمةموضوع: آمال وهواجس الجزء الثاني   آمال وهواجس الجزء الثاني I_icon_minitimeالأحد فبراير 17, 2008 12:43 pm

هارون يخشى موسى وقومَه.. لم يذق طعم الرقاد في تلك الليلة.. يكاد رأسه أن ينفجر.. آلاف الهواجس تدور في رأسه كخيول مجنونة.. شعر برغبة عارمة في أن يعبّ الخمرة، ولكن أنّى له ذلك، وقد انتقض عليه الغَزْل في طنجة وفاس، وقد نهض بالأمر إدريس.. إدريس الذي نجا من « فخّ ».. يؤسّس دولته.. وقد التفّ حوله البربر (21).
وضع هارون كفّه على جبينه.. الصداع يكاد يحطم جمجمته، لكأن ملايين الخلايا تضجّ في رأسه تبحث عن كأس شفافة تشوبها حُمرة خفيفة.
نظر هارون إلى وزيره، كان البرمكي يدرك ما يدور في خَلَد هارون، قال بنبرة أودعها كل دسائسه:
ـ أنا أكفيك أمره.. لقد أرسلتُ وراء « سليمان الجزري ».
ارتسمت علامة استفهام في عينَي هارون:
ـ كيف وهو من متكلمي الزيدية ؟!
ابتسم البرمكي ابتسامة فيها مكر:
ـ يا أمير المؤمنين، الذهب سيّد المتكلمين.. وددت أنك شاهدتَه وهو يتلجلج أمام بريق الذهب.
تساءل هارون:
ـ وماذا في مقدوره أن يفعل ؟
قال البرمكي بخبث:
ـ أعطيتُه قارورةَ طيب، وطلبت منه أن يهديها إلى إدريس. لقد كان معاوية يهدي خصومه « العسل » ونحن نهديهم « الطِّيب ».
ابتسم هارون بمرارة، ولكنّه شعر بأن همّاً ينزاح عن كاهله.. لَشدّ ما يخشى أبناء عليّ، قال البرمكي وقد وجد الظرف مناسباً تماماً:
ـ رحم الله جدّك المنصور.. لقد ترك الناس ثلاثة أصناف.. فمنهم في غياهب السجون لا يفكّرون إلاّ بالحريّة.. يحلمون بالعودة إلى أهليهم يتمنَّون رؤية السماء الزرقاء. ومنهم الجياع.. بطونهم خاوية طول النهار لا يفكّرون إلاّ برغيف الخبز. ومنهم الخائفون المشرّدون في المغارات والأصقاع البعيدة.. قد جلدتهم قسوة الغربة عن الأهل والديار فلا يرجون شيئاً سوى الطمأنينة والأمن والسلام.
كان هارون يصغي إلى البرمكي.. رفع إليه عينين فيهما تساؤل عما ينبغي فعله.. قال البرمكي بعد أن سكت قليلاً:
ـ إنني أخشى هؤلاء العلويين.. لقد استوطنوا بغداد وأصبحت لهم أملاك وبساتين.. والناس إليهم أميل وهم على فقرهم أسخياء.. أرى أن تُرحّلهم عن بغداد يا أمير المؤمنين (22).
دخل « مسرور » بجثته الهائلة وهمس في أذن « الخليفة » كلمات..
قال هارون:
ـ ليدخل.
مضت لحظات قبل أن يلج رجل يرتدي ثياباً رثة، عيناه لا تستقران على شيء، تقدّم متعثراً وهمس مرتبكاً:
ـ النصحية يا أمير المؤمنين.
ـ تكلّم!
ـ إنها من أسرار الخلافة.
نظر هارون إلى وزيره نظرات آمرة، لم يبق أحد غيرهما، قال الرجل بصوت خافت فيه صدى لفحيح مسموم:
ـ الأمان أولاً..
ـ هات ما عندك.
ـ رأيت يحيى..
ـ ابن عبدالله ؟!
ـ نعم.
هتف هارون بلهفة:
ـ أتعرفه ؟
ـ نعم يا أمير المؤمنين.. كان يرتدي قميصاً من الصوف غليظاً..
ـ وما أدراك أنه يحيى ؟!
ـ كنت أعرفه قديماً، وعندما رأيته بالأمس عرفته.
ـ صفه لي!
ـ مربوع، أسمر حلو السمرة، جميل العينين، حسن الوجه والجسم.
ـ صدقت إنّه هو.. أين رأيته ؟
ـ في خان من خانات حُلوان.
ـ أسَمعتَه يقول شيئاً ؟
ـ لا.. غير أنّي رأيته، ورأيت معه غلاماً لا أعرفه.. وكان معه جماعة ينزلون إذا نزل، ويرتحلون إذا رحل، ويكونون معه ناحية فيوهمون من رآهم أنهم لا يعرفونه، ولكنهم أعوانه.
ـ مَن أنت ؟
ـ رجل من أبناء هذه الدولة.. أصلي من مرو ومنزلي ببغداد..
ـ سوف أُحسن إليك.. فانطلق وكن ليحيى مثل ظلّه واكتب لي أخباره.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
آمال وهواجس الجزء الثاني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الشنتوف :: المنتديات الثقافية والأدبية :: منتدى الروايات-
انتقل الى: