منتديات الشنتوف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الجميع
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 آمال وهواجس الجزء الأول

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ميسي
عضو مبتدئ
عضو مبتدئ
ميسي


عدد الرسائل : 34
العمر : 31
تاريخ التسجيل : 25/09/2007

آمال وهواجس الجزء الأول Empty
مُساهمةموضوع: آمال وهواجس الجزء الأول   آمال وهواجس الجزء الأول I_icon_minitimeالأحد فبراير 17, 2008 12:42 pm

تنفّس الصبح.. بينما كان هارون وصاحبه في طريقهما إلى « الكوفة » ودخلا المدينة على حين غفلة من أهلها.. كانا يرتديان زيّ التجار.
ما أن أشرقت الشمس حتّى كان سوق المدينة يغصّ بالباعة والمبتاعين والعابرين.. وغاب « الخليفة » في زحمة الناس.. أرهف أُذنيه للأحاديث العابرة.. كان يود أن يسمع صدىً لثناء أو مديح أو تمجيد « للخليفة » هارون الرشيد الذي عزم على الحج هذا العام ماشياً.. ولكنه لم يسمع شيئاً. وأثار اهتمامَه أحاديثُ متقضبة عن ضريبة العُشر التي باتت ثقيلة على الأهالي.. ولمح عن قُربٍ أحدَ حرّاسه يسأل عن « صفوان الجمّال »..
همس جعفر وهو يشير إلى رجل عليه سيماء الزهد:
ـ أتعرف ذاك الرجل ؟
ـ لا.. ومَن يكون ؟
ـ بهلول المجنون.
ـ وهل هو مجنون حقاً ؟
ـ لا يبدو عليه ذلك.. ولكن تذكرت ما حدث ذات يوم في حضرة أخيك..
ابتسم جعفر وأردف:
ـ استدعاه ذات مرّة وأمر بإحضار رجل آخر من أهل البصرة يدعى « عليّان ».. وكان هو الآخر يُرمى بالجنون.. فبدره « الهادي » قائلاً: أيش معنى عليّان ؟! فأجابه بقول أدهش الحاضرين.
تساءل هارون:
ـ وماذا قال له ؟
ـ قال له: أيش معنى موسى أطبق.. فثارت ثائرة « الهادي » وصاح به: يا ابن الفاعلة! فالتفت عليّان إلى بهلول، وقال: كنا اثنين، فصرنا ثلاثة..
تذكّر هارون أخاه.. يوم كانا صغيرين، وكان أبوهما قد وكّل به موظفاً يرقب فم أخيه.. فإذا ذهل عن نفسه وفتح فمه وظهرت شفته المشقوقة قال له: موسى أطبق..
كان الرشيد غارقاً في ذكرياته عندما ظهرت فجأة جنازة يحملها بعض الشبّان.. وسمع أحدهم يقول: هذه جنازة والبة بن الحباب (18).. فردّ آخر قائلاً: لقد أراحنا الله من هذا الزنديق الماجن، لقد افسد فتياننا بتحلّله وإقباله على الخمرة..
ردّ آخر ساخراً: إذا كان « خليفة المسلمين » ايّده الله يعاقر الخمرة، فلابدّ وأنها حلال..
تبادل هارون وجعفر النظرات.. وانصرفا إلى مكان آخر من السوق..
وعندما وصلا أطراف السوق لاحت لهما قافلة من الجِمال تأخذ طريقها إلى خارج الكوفة.. حيث ضُربت خيام « الخليفة »..
انتظمت القافلة وكانت الجمال تحمل الأثقال.. ووجد هارون نفسه يمشي في فلاةٍ مدَّ البصر.
لم يعد هناك أثر لعمران ولا شجر ما خلا باسقات النخيل تبدو من بعيد كرموش حسناء.
ومض طيف « غادر » فتساءل في نفسه: أتستحق كلَّ هذا العناء ؟! وطرد عن ذهنه هذه الفكرة، ففي الحج منافع كثيرة.. سمعة حسنة، وخداع للعامّة، والوقوف على أحوال الناس، ومعرفة ما يجري في الحجاز..
غمر المساء الأشياء، وسطعت النجوم في أغوارها السحيقة وانفتحت نفس هارون على الغناء، فانطلق يردد أشعاراً على لحن ابن سريج:
مَلَكَ الثـلاثُ الآنسـات عِنـاني وحَللْنَ مـن قلبي بكـلّ مـكـانِ
مالي تطـاوعنـي البـريةُ كـلُّها وأُطيعهن وهنّ فـي عصـياني؟!
ما ذاك إلا أنّ سلطـان الهـوى ـ وبه قَوينَ ـ أعزُّ من سلطاني!

وانطلقت القافلة تطوي المسافات إلى مكّة المكرمة تحرسها حراب وجنود..
هارون تتقاذفه الهواجس، تحتدم في رأسه الأفكار كخيول مجنونة.. فهناك رجال من أبناء عليٍّ يجوبون المدن، في قلوبهم تشتعل الثورات.. ولكن ما باله قلِقاً هكذا يتوجس خيفة ؟
كان هارون غارقاً في هواجسه.. تومض في ذهنه أسماء رجال غابوا في الآفاق. إدريس.. يحيى.. موسى.. وقطع عليه هواجسه صوت حاجبه يقترب منه محيّياً:
ـ السّلام على أمير المؤمنين، وابن عمّ سيّد المرسلين..
وشعر هارون بالكلمات تأخذ طريقها إلى قلبه، إنه يستمدّ سلطانه من قاعدة قويّة، لقد ورث السلطانَ عن مؤسس الإسلام، فهو حفيد العباس عم النبيّ صلّى الله عليه وآله.. وليس هناك مَن هو أحق بالخلافة والمُلك منه.
سأل هارون حاجبه عن المسافة التي تفصلهم عن مكّة، وعندما عرف أنها مجرّد أميال انشرحت نفسه، فقد أوشكت رحلة العناء على النهاية..


موسى وفرعون.. في احتجاج قرآنيّ
انطوى موسم الحج.. وعادت القوافل إلى الديار.. تهوي في بطون الأودية ومضى «الخليفة» هارون الرشيد يقطع المسافات صوب الشمال يحفّه حرّاس وجنود.. خلع ثياب الإحرام وارتدى حلّة سوداء بدا فيها ملكاً مرهوباً..
وصل هارون مشارف المدينة المنوّرة، وقد هبّ لاستقباله حاكم المدينة إسحاق الذي تسنّم منصبه حديثاً، ومعه قائد الشرطة ومئات الحرّاس..
أضحى منظر هارون أكثر رهبة..
الذين لم يعرفوا هارون خلطوا بينه وبين جعفر البرمكي، فقد حرص أن يدخل المدينة هو الآخر في أبّهة الملك، كان يرتدي حلّة سوداء مزركشة يحوطه جنود من خراسان..
اصطفّ عشرات الرجال والنساء وحشود الأطفال يتطلعون إلى « خليفة المسلمين » هارون الرشيد، وهو يتقدم الهُوَينى إلى مسجد الرسول صلّى الله عليه وآله.
ولج هارون مسجداً أُسس على التقوى من أول يوم.. هيمن صمت مهيب، وقد فاحت في الفضاء رائحة طيبة لكأن الجنّة قد فتحت نوافذَ لها على الضريح.. في هذه البقعة الطيبة يرقد نبي الإسلام محمّد صلّى الله عليه وآله.. محمّد الذي أضحى نغمة حلوة تردّدها الملايين في الصحارى والسهول في آلاف المدن والقرى.. في الوديان وفي ذرى التلال..
وقف هارون قبالة الضريح المضمخ بشذى النبوّات، هتف مؤكّداً صلته العريقة بمؤسس مجد الإسلام..
ـ السّلام عليك يا بن العم.
هيمن صمت مهيب وشخصت الأبصار لهارون، ها هو يتربع على الدنيا والدين، ها هو يهيمن على الأرض معتدّاً بصِلته بالسماء.. وفي تلك اللحظات وقع ما لم يكن في الحسبان..
تقدم رجل أسمر قد ذرّف على الأربعين.. يتألق في جبينه نورٌ لنبوّات غابرة، هتف بصوت دافئ مخاطباً آخر الأنبياء في التاريخ:
ـ السلام عليك يا أبتِ..
ذُعر هارون وقد أحسّ بأن عرشه يهتزّ بعنف، تُرى من يكون هذا المجترئ الذي دمّر في لحظة كل مزاعم « خليفة الزمن »، وقد سام الناس قهراً ؟!
أحدّ هارون النظر إلى الرجل الأسمر وقال بلهجة حانقة:
ـ مِن أين لكم هذا الأدعّاء يا أولاد عليّ ؟! ومتى ولَدَكم رسول الله ؟
سكت هنيهة وأردف:
ـ نحن أقرب إلى رسول الله منكم.
أجاب سليل الأنبياء:
ـ لو بُعث رسول حيّاً وخطب منك كريمتك، هل كنتَ تجيبه ؟
قال هارون بدهشة:
ـ سبحان الله! بل كنتُ أفتخر بذلك على العرب والعجم.
قال موسى وهو يهز القاعدة التي يرتكز عليها هارون:
ـ لكنّه لا يخطب مني ولا أُزوجه.. لأنّه ولَدَني ولم يلدك..
تساءل هارون بلهجة فيها حقد:
ـ أنتم أولاد عليّ لا أولاد رسول الله.. أنتم أبناء فاطمة، والنبيّ ليس له عقِب.. إنما العقب للذكر لا للأنثى!
وأحسّ هارون بأنه قد أحرز نصراً ضد خصمه الذي يهدّد عرشه.
قرأ الذي عنده علم الكتاب بصوت شجي:
ـ ومن ذرّيتِه داودَ وسليمانَ وأيّوب ويوسُفَ وموسى وهارونَ، وكذلك نَجزي المحسنين * وزكريا ويَحيى وعيسى وإلياسَ كلٌّ من الصالحين... .
والتفت إلى « خليفة الزمن » الموحش سائلاً:
ـ مَن أبو عيسى ؟
ـ ليس له أب.
فقال موسى:
ـ إنما أُلحق بذراري الأنبياء عن طريق أمه مريم.. وكذلك نحن أُلحقنا بذرّية النبيّ عن طريق أمّنا فاطمة..
وخشعت القلوب المؤمنة لذكرى فتاة بتول كانت عديلة مريم ابنة عمران.. ما يزال قبر فاطمة مجهولاً يرسم علامة استفهام كبرى على تاريخ طويل.. تاريخ ضيّع حقَّها وأبناءها.
أضاف ابن فاطمة يسدّد الضربة القاضية لكل ترّهات هارون:
ـ وإن شئت أزيدك.
قال هارون وهو يرفع راية الهزيمة:
ـ نعم يا أبا الحسن!
وانسابت كلمات السماء ممزوجة بصوت سماوي فيه حزن المطر:
ـ فمَن حاجَّكَ فيه مِن بعدِما جاءكَ من العلمِ فقلْ تعالَوا ندعُ أبناءَنا وأبناءَكم ونساءَنا ونساءَكم وأنفسَنا وانفسَكم ثمّ نبتهلْ فنجعلْ لعنةَ الله على الكاذبين .. فهل سمعتَ في ما ورد من الأخبار أن رسول الله دعا أحداً غير فاطمة وعليّ وسبطَيه الحسن والحسين ؟
أطرق هارون وأحسّ الصفعة قد دمّرت كلّ كبريائه وغروره.. ها هو يقف عاجزاً.. وبدا هارون بحلّته السوداء فرعوناً ينظر بفزع إلى موسى وعصاه..


خارطة فَدَك!
ليل المدينة.. مدينة الرسول صلّى الله عليه وآله.. ليلٌ يزخر بالنجوم.. ونسمات طيبة تهبّ فتبعث في النفوس إحساساً بالأمل.. نامت العيون.. وما تزال النجوم تنبض في أغوارها السحيقة كعهدها منذ آلاف السنين.
موسى يجوس خلال الأزقة كطيف مضيء يحمل معه صراراً مُلئن بقطع فضّيّة.. وفي المنعطفات المظلمة، حيث تبدو بعض منازل المدينة خاوية على عروشها، كان الرجل الأسمر الذي تتألق في وجهه طيوف النبوّات يتوقف فيرمي بإحدى الصرار لتسقط خلف جدار يكاد أن ينهدّ..
الرجل الذي ذرّف على الأربعين ينوء بالهموم.. تومض في أعماقه صور المحرومين والمقهورين.. يحزّ في نفسه أنّه لا يجد ما ينفق، وأرضه تعطي عاماً وتمنع عاماً.. وهناك رجال في غياهب السجون ما يزالون يحلمون بالحريّة والحياة الكريمة، ورجال خائفون.. يجوبون المدن الغريبة بحثاً عن بقعة آمنة..
وها هو هارون يحمل معه بدارَ الذهب، يسرق خيرات الأرض له ولأعوانه.. تتدفق عليه الأموال من كل حدب وصوب، والغيوم التي تسحّ في أرض مصر وأفريقيا وفي خراسان وسجستان وفي بلاد الديلم وشيراز والعراق.. وفي كل بلد يُذكر فيه اسم الله كثيراً.. تؤتي ثمارها في قصور هارون في دجلة والرقة والأنبار.. وبغداد تغفو على ألحان فارسيّة.
أما لهذا الليل من نهاية ؟ متى يعود المشرّدون إلى ديارهم ؟ ومتى يستنشق المكبّلون بالسلاسل أنسام الحرّية ؟ ومتى يشبع المحرومون خبزاً طيباً ؟
ومتى يطمئن أولئك الخائفون في ذرى الجبال والمغادر والكهوف ويعودون إلى أهلهم وينقلبون بنعمة الله لا يمسهم قرح ؟..
وجد الرجل الأسمر قلبه يهفو إلى مسجد أُسس على التقوى.. إلى حيث كان يصلّي جدّه العظيم...
الظلام ما يزال يغمر المدينة، شعر بأنه يلج بقعة فردوسية.. تدفّق نبع من الصلاة بين المحراب والمنبر.. وانسابت كلمات السماء تغسل القلب وتطهّر الروح..
وهوى الرجل الأسمر في سجود من ينوء بآثام البشرية، وانبجست الدموع من عينَيه وهو يخاطب المطلق اللانهائي:
ـ عَظُم الذنبُ من عندي، فلْيَحسنِ العفُو مِن عندك..
يا أهلَ التقوى، ويا أهلَ المغفرة...
هيمن سكون مهيب ملأ المسجد برهبة الساعات الأخيرة من الليل.. وما يزال العبدُ الصالح ساجداً للربّ.
وبدا العبد الصالح ببدنه النحيف المنصهر في بوتقة السجود ثوباً مطروحاً تركه صاحبه ومضى بعيداً..
ليس هناك في كل ذلك العالم من يدرك آلام موسى.. عذابات العبد الصالح.. الإنسان الذي يحاول أن يقهر الشيطان الرابض في أعماق النفوس المظلمة.. يريد للأرض أن تَخْضرّ.. ولفراشات النور أن تعود.. وللسحب الرماديّة أن تغادر الأفق أمام ربائب المُزُن المثقلة ببركات السماء.
هو ذا ذاهب إلى « هارون » إنه طغى.. سيوف وحراب مشهورة، وقد وقف حرّاس غلاظ بوجوههم المتجهّمة؛ تشتعل في عيونهم رهبة الملك وسطوة الجبابرة..
وجاء موسى.. ليس معه من أسلحة الدنيا سوى قلب يكاد يسع العالم.. في عينيه يتألق حزن سماوي، وفي جبينه تموج طيوف نبوّات غابرة.
كان هارون ينثر بدار الذهب والفضة، ويتظاهر بردّ المظالم، قال له موسى:
ـ ما بال مظلمتنا لا تُردّ ؟!
قال الذي أُوتي من المال كنوزاً:
ـ ماذا تعني ؟
قال الذي عنده علم الكتاب:
ـ أعني فَدَكاً.
قال هارون في نفسه: ما أبخس ما يريده موسى! وأردف باستعلاء كمن يدلّ بثراء عريض:
ـ حُدَّها لأردّها!
قال موسى:
ـ إنك لن تردَّها إن حددتُها.
قال هارون بضيق:
ـ بحق جدّك إلاّ فعلت.
قال له موسى وقد ارتسمت في ذهنه خارطة الإسلام:
ـ حدُّها الأول عدن.
شعر هارون بخنجر ينفذ في ضلوعه.
قال موسى:
ـ وحدّها الثاني سمرقند.
إربدّ وجه هارون، فيما كان موسى يستعرض خارطة فدك المغتصَبة:
ـ وحدّها الثالث أفريقيا.
هتف هارون بغيظ:
ـ هيه!
ـ وحدّها الرابع سيف البحر مما يلي الجزر وأرمينيا.
انفجر هارون:
ـ لم يبق لي شيء!
قال موسى غير آبه:
ـ أعرف أنّك لا تردّها.
غادر موسى المكان، وقد خيم صمت رهيب.. ظل هارون واجماً ذلك النهار، ها هو موسى يهزّ عرشه بقوّة.
تفجّرت في أعماقه آلاف المخاوف.. آلاف الهواجس. واستيقظ الوحش في أعماقه كاسراً مدمّراً.. وهتف في أعماقه: سوف أقتل موسى وليدعُ ربّه.
بدا هارون بحلّته السوداء فرعوناً يفكر في أمر موسى من أين له كل هذه الجرأة ؟! وكل هذه الكلمات المدهشة، وكل هذا السحر العجيب ؟!


جاسوس متطوّع
عاد هارون إلى بغداد. غانية الشرق.. ما تزال تغتسل في مياه دجلة، تتألق جمالاً.. فوّارات المياه تنثال في فضاء أزرق.. حدائقها تزهو خُضرة.. وقصورها تتألق كأصداف برّاقة..
بغداد سكرى على أنغام دجلة.. أسواقها تكتظ بفتيات جميلات جئن من أصقاع بعيدة، في عيونهن سحر وفي أفواههن كؤوس خمر، وفي أصواتهن قصائد شعر..
هارون بموكبه الملكي يعبر « جسر النساء » (19) يتوقف أمام ساعة كبيرة فُرغ من صنعها حديثاً.. ساعة عجيبة تحكي قصة الوقت لزمن نحاسي.. ومن يُمعن النظر إليها يجدها تتألف من اثني عشر باباً صغيراً بعدد الساعات. وكلما مضت ساعة انفتح باب، وخرجت منه كرات نحاسية صغيرة تتساقط فوق جرس فيرنّ بعدد الساعات وتبقى الأبواب مفتوحة، وعنده تظهر تماثيل صغيرة لاثني عشر جندياً على خيل تدور على صفحة الساعة (20)..
انه زمن النحاس، زمن الثراء والغناء، والليالي الحمراء..
لقد غابت الروح ومضى زمن الحب العذري..
فرّ السلام.. وحلّ في الأرض خوف ورعب.. وهارون يصنع من النحاس عصراً ذهبياً يكاد سنا برقه يذهب بالألباب.
حانت الساعة الواحدة، وانفتح باب وسقطت كُرة النحاس.. دقّت الساعة الواحدة.. لقد بدأت ساعة الصفر، وبدأ عصر الزمهرير.. سيلفّ الأرضَ خوفٌ ورعب من أجل أن يعيش هارون ناعم البال منتشياً في أحضان جواريه الحسان.
بغداد سكرى على ألحان الغناء.. لم تسمع في تلك الليلة ـ وقد غاب القمر ـ عواءَ الذئاب البشرية وهي تجوب أزقّة بغداد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
آمال وهواجس الجزء الأول
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الشنتوف :: المنتديات الثقافية والأدبية :: منتدى الروايات-
انتقل الى: