ست الحسن ميرجان وملك البحار
كان ياما كان كانت هناك ارمله مسكينة ,و عندها ابنه وحيده,وكانت هذه البنت حسناء لا مثيل لها , و اسمها ميرجان . ذات يوم ذهبت البنات الي النهر للاستحمام و اخذن معهن ميرجان.
و عندما نزلن الماء قلن لها:
-كم انت جميله يا ميرجان !لو رائك الملك لقال لك (ميرجان يا نور عيني ,خذي كل ثرواتي و كوني زوجه لي)).
فخجلت ميرجان وغضت بصرها . و قالت:
-لماذا تمزحن هكذا يا صديقاتي ؟لو رأني الملك لما نظر الي .فانا افقر من في القريه.
و ما ان قالت هذا حتي دومت المياة ,و دوي من اعماق القاع صوت جبار:
- ميرجان يا نور عيني ,خذي كل ثرواتي و كوني زوجتي!
و هرعت البنات المذعورات الي الشاطئ و التقطن ملابسهن و هرولن معا الي القريه .و نسين ميرجان.
و رأت ست الحسن ميرجان و هي واقفه علي الشاطئ ثعبانا هائلا متكوما علي ثيابها سبع حلقات ,و قد رفع رأسه عاليا دون ان يحول عينيه عنها.
و قال الثعبان:
-يا نور عيني يا ميرجان.أنا ملك مملكه قاع البحار. انني احبك اكثر من حياتي . فلتكوني زوجتي! وسأهدي لك قصري البلوري ,هيا قرري اذا وعدتني بالزواج اعطيتك ثوبك, و أذا لم تقبلي أخذته الي القاع,فماذا ستفعلين اذن؟
و ارتبكت ميرجان, ووعدته بالزواج وهي تموت رعبا .
و اختفي الثعبان كأن لم يكن , مخلفا علي صفحه المياه دوائر و امواجا تتراقص.
و لبست الفتاه ثوبها كيفما كان و هرولت في اثر صديقاتها . و دخلت الخيمه وارتمت امام امها واجهشت بالبكاء.
فسالتها امها بقلق:
-ماذا حدث يا حبيبتي ؟ من أهانك؟
فروت ميرجان لأمها ما حدث ثم راحت تتأوه:
-و ماذا افعل الان؟ لقد وعدته .فهل يمكن التنصل من الوعد؟
فأخذت امها تمسد رأسها و تضمها الي صدرها و تطيب خاطرها:
- أطمئني يا بنيتي . يبدوا ان الثعبان الرهيب كان مجرد خيال فهذه الحوادث لا تقع. اجلسي في البيت ولا تخرجي .
و مر اسبوع , و أطمانت ميرجان فعاودها المرح . و لم تكن امها تسمح لها بمغادره الخيمه مسافه ذراع,و لا تتركها وحدها فتره طويله.
و ذات مره اطلت الام من الباب فصعقت:
-يا لطيف !حلت نهايتنا!من النهر تزحف الي بيتنا ثعابين سوداء لا حد لها.
فامتقع وجه ميرجان و قالت:
-انهم قادمون لياخذوني !
و أوضدتا الباب , و حصنتاه بكل ما لديهما من اثاث, و اختبأتا تحت الكليم و قد احتبست أنفاسها رعبا.
بينما مضت الثعابين تزحف و تزداد اقترابا , و ضجيجها يعلو في السهاب . و زحفت حتي الخيمه فوجدت الباب موصدا , ففحت الثعابين و تحاملت علي الخيمه حتي اقتحمتها , و اسكت بميرجان الغائبه عن الوعي , وحملتها الي النهر. و ركضت الام المسكينه خلف الثعابين و هي تعول وتمد يديها نحو ابنتها , فلم تلحق بها. و غاصت الثعابين في الماء و أخذت معها ست الحسن ميرجان.
و عادت الام الي بيتها الخاوي و هي تترنح من الفاجعه و رتمت علي الارض تنوح وتعدد:
-هلكت بنتي ميرجان ! الثعبان الملعون حرمني منها الي الابد !
و مرت الايام والشهور و السنون . و هرمت الارمله الوحيدة و تقوس ظهرها , و ابيض شعرها . و ظلت تنتظر و تحدق في السهوب بعينيها الكليلتين حيث أخذت الثعابين السوداء ابنتها.
ذات مره كانت الام جالسه حزينه علي عتبه الدار, و اذا بها تري امراءه شابه تسير نحوها و عليها افخر الثياب , و في يدها اليمني صبي, و في يدها اليسره صبيه.
و ارتجفت الام وصاحت:
- ميرجان! يا بنيتي ! اهذه انت!
وم تعانقتا و تبادلتا القبلات, ثم دخلتا الخيمه .و اخذت الام تنظر الي ابنتها و حفيديها و هي لا تصدق عينيها .
- من اين جئت يا ميرجان؟
- جئت من مملكه قاع البحار .و زوجي هو ملكها .
- و كيف تعيشين تحت الماء؟
- ليس هناك من هو اسعد مني . لكني اشتقت اليك يا أمي , و اردت ان اريك ابناءنا.
- و هل يمكنك أن تعودي الي الثعبان الملعون ؟ هل يمكن ان تهجري امك المسكينه ؟
و قالت الام لنفسها : ((هذا لن يكون ابدا ! لن افترق عن ميرجان بعد الان !)).
و قالت ابنتها :
- يا أمي الحبيبه, سامحيني , و لكني لا استطيع ان أبقي لديك طويلا . ينبغي ان نعود في المساء الي بيتنا في قصرنا في قاع البحر.
زوجي في انتظارنا . انني احبه و احترمه. فهو ثعبان فقط عندما يظهر علي الارض , واما في مملكتي فهو فارس رائع .
- طيب , يبدوا ان حظنا هكذا . و لكن كيف ستجدين طريقك الي مملكته فهو فارس رائع.
- علي النحو التالي : اقترب من النهر و انادي : ((أحمد يا أحمد, انا زوجتك , تعال يا نور عيني و اصعد من القاع)). فيأتي زوجي علي الفور يأخذنا الي القصر.
فقالت الام لنفسها ( الان اعرف ما العمل )).
و أخذت تبكي و ترجوا ابنتها :
- اذا كنت لا تريدين البقاء معي الي الابد , فلتقضي ليله واحده في دارك الحبيبه.
و اشفقت ميرجانعلي امها العجوز فوافقت علي البقاء عندها حتي الصباح . و فرحت العجوز , و بدت عليها ملامح الشباب.
و انتهي النهار وحل الليل و نام الطفلان , ونامت ست الحسن ميرجان . عندئذ نهضت العجوز بهدوء من الفراش . و بحثت في الظلام عن الفاس حتي وجدته و تسلت من الخيمه.
و ذهبت الي النهر ووقفت فوق الشاطئ العالي و صاحت بصوت مرتفع:
_ أحمد يا أحمد, انا زوجتك , تعال يا نور عيني و اصعد من القاع. و في نفس اللحظه ظهر الثعبان من الماء , ووضع رأسه علي الشاطئ و قال برقه :
- اخيرا جئت يا حبييبتي ميرجان . لقد طالت غيبتك واشتقت اليك . و لم تتوان العجوز فأهوت بالفأس علي الثعبان فقطعت رأسه.......
و تدحرج رأسه علي الشاطئ . أما مياه النهر فاصبحت حمراء حمراء......
و في الصباح استيقظت ميرجان , و البست طفليها ثتابهما وودعت امها:
- الوداع يا امي , سأعود اليك بعد عام.
ووصلت ست الحسن ميرجان الي النهر و هي تقود الصبي من يده و تحمل الصبيه علي صدرها , و نادت زوجها:
_ أحمد يا أحمد, انا زوجتك , تعال يا نور عيني و اصعد من القاع.و لم يظهر احد . و انتظرت ميرجان قليلا , ثم عادت تنادي :
_ أحمد يا أحمد, انا زوجتك , تعال يا نور عيني و اصعد من القاع. وانقبض صدر ميرجان , و تملت النهر فرأت مياهه حمراء حمراء.....
و أدركت ميرجان السبب فبكت وراحت تقبل ولديها و هي تقول:
- مات ابوكما ...انا المذنبه في وفاته ... فماذا افعل معكما الان و قد اصبحتما يتيمين؟
و نظرت من خلال دموعها الطفلين ثم قالت:
- كوني يا ابنتي سنونوه و حلقي فوق صفحه المياه ، اما انت يا بني فكن بلبلا ، و اصدح في الفجر بالغناء ، اما انا فساصبح وقوقا و سأتنقل من مكان الي مكان و ابث لوعتي علي زوجي...!
و ما ان قالت ذلك حتي تحولوا ثلاثتهم الي طيور و رفرفوا بأجنحتهم و تفرقوا في مختلف الجهات.
الإثنين يوليو 14, 2008 1:16 pm
